يدرس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الدعوة قريباً إلى جلسةٍ لحكومته، لدرس عدة ملفات أساسية، لكنه يطمح لأن يؤمِّن توافقاً حول طرح ملفي التعيينات العسكرية والأمنية، لتأتي استكمالاً لموضوع التمديد لقادة الأجهزة الذي أُنجز أخيراً، وهو ما عبّر عنه صراحة أمام زواره.
إلى اليوم، لا شيء يضمن تأمين التزام من جانب القوى الممثلة داخل مجلس الوزراء، بتأمين نصاب انعقاد الجلسة أو القبول في طرح الملفين العسكري والأمني على الطاولة.
أياً كان وعلى ما فُهِم، يريد ميقاتي الإنتهاء من ملف التعيينات في المجلس العسكري، عبر تعيين رئيس الأركان والمدير العام للإدارة والمفتش العام ضربةً واحدة، مستفيداً من وجود مرشح لرئاسة الأركان يحظى بتوافق غالبية القوى وبدفعٍ كبير من المختارة وكيلة أمر تسميته. ثم يريد ميقاتي بموازاة ذلك، أن يجرّ تعيين أعضاء مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي، مستفيداً من قاعدةٍ أُرسيت زمن التمديد الأخير، وربطت ما بين الإستحقاقات العسكرية والأمنية.
في مسألة مجلس قيادة قوى الأمن، يبدو أن الإتفاق أصبح ناجزاً (أو يكاد) بين المكوّنات الإسلامية حول الأعضاء الممثلين عنها. يبقى الموضوع محل تجاذب بالنسبة إلى المواقع المسيحية، تحديداً التي يتولى رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل تسميتها.
لغاية الساعة، ما يطبّقه باسيل في مسألة المجلس العسكري يستنسخه في قضية مجلس قيادة قوى الأمن، إذ يرفض رفع أسماء لتعيينها على اعتبار أن هذه الحكومة لا يمكن لها أن تُعيِّن. وعلم “ليبانون ديبايت” في هذا المجال، أن ميقاتي تحرّك على أكثر من صعيد، وأرسل وسطاء باتجاه الضفة المسيحية، في محاولةٍ منه لتأمين تفاهمات حيال وضعية مجلس قيادة قوى الأمن وجعله مرهوناً بنفس نتائج “التوافق” في مسألة “المجلس العسكري”، من دون أن يحصد نتيجة في المسألتين، وهو ما قاده إلى اعتبار نفسه متحرِّراً من أي تواصل طالما أن الوضع على هذا النحو. ما فُسِّر لدى محيطين برئاسة الحكومة من قبيل أن يتولى ميقاتي رفع أسماء من بين الضباط المسيحيين الأكفاء المستحقّين كمقترحين على التعيين في المواقع المحسوبة لهم ضمن مجلس قيادة قوى الأمن، من خلال وزير الداخلية، على أن تتمّ مناقشة الأسماء على طاولة مجلس الوزراء والتقرير فيها.
في موضوع المجلس العسكري ليست المصيبة أقل، ويتجسّد الكباش مع رئاسة الحكومة بصور متعدّدة.
تكمن العلّة تحديداً في استمرار وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، برفض حضور جلسات مجلس الوزراء لمناقشة هذا الموضوع، لاستمراره بالتعنّت، كما تقول مصادر رئاسة الحكومة، حيال تقديم أسماء المرشحين لعضوية المجلس العسكري، رغم أن الوزير حسب ما تقول أوساطه، حسّن وضعيته من خلال كتاب أرسله إلى ميقاتي وأبدى فيه استعداده الكامل للعمل على سدّ الفراغات لدى المجلس العسكري.
غير أن إبداء النية لم يترافق وفعلٍ صريح وواضح، وهو ما قد يُحسب على الوزير. حيث أنه يمثل اليوم حالة تعطيل للتعيينات بنظر الحكومة والقانون في آن، من خلال تحصّنه بالمادة التي تجيز له وحده رفع اقتراحات واستخدامها كأداة عرقلة بشكلٍ يُعاكس روحيتها، ويكرّس تعطيلاً في عمل المؤسسة. ولو أنه سبق وأبدى استعداده إلى أنه لا يُبادر. وهي وضعية تدرس رئاسة مجلس الوزراء استغلالها من أجل اعتبار الوزير متخلٍّ عن مسؤولياته من خلال رفضه رفع أسماء، ما قد يجيز لها في وقتٍ لاحق تولي رفع الأسماء عنوةً، والتداول في شأنها في جلسةٍ رسمية.
عملياً، ثمة وزراء يؤيدون هذه الخطوة ربطاً بما يسمّيه “تقاعس وزير الدفاع لأسبابٍ سياسية”، ما يدفع برئيس الحكومة إلى تكثيف جهوده في اتجاه تحديد موعد لجلسة مجلس الوزراء.
وخلال الأسبوع الماضي، شهدت المقارّ الرسمية حركة لافتةّ لقائد الجيش، في اتجاه رئيسي مجلس النواب نبيه برّي ورئيس الحكومة. وبحسب المعطيات، جرى التداول في المستجدات على خطّ التعيينات العسكرية، حيث يبدو أن هذا المطلب أساسي بالنسبة إلى القائد، الذي بات يرتبط بضرورات مواصلة إتصالاته لتفعيل دعم الجيش وتحرير حركته، وهو ما لقيَ تفهّماً من عين التينة شخصياً، التي بادرت بحسب معلومات “ليبانون ديبايت”، إلى التواصل مع وزير الدفاع موريس سليم ودعوته لزيارتها، وهو ما حصل بالفعل الأسبوع الماضي، حيث زار سليم رئيس المجلس النيابي، وتباحث معه في هذا الموضوع. وعلم أن بري تمنّى على وزير الدفاع الإلتزام بما اتفق عليه مع رئيس الحكومة بالنسبة لسدّ الشواغر في المجلس العسكري، ولأن يبادر إلى رفع الأسماء سريعاً، فيما لم يعرف ما إذا كان سليم قد أبدى التزاماً أمام بري.
على أي حال، فإن الأسبوع الجاري، وربما المقبل، قد يصنّفان على أنهما آخر محاولة لتأمين التفاهم مع وزير الدفاع حيال التعيينات، وإلاّ فإن غطاء التعيين في مجلس الوزراء قد يصبح متوفراً، مستفيداً من عنصر يتصل في اعتبار “الوزير” متقاعساً ربطاً بآخر إلتزام قدمه من خلال كتاب إلى رئاسة الحكومة
“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح