
بقلم مدير تحرير موقع freedom news الإعلامي وليد بركس
في كل دول العالم وبين الشعوب القلق موجود ولكن بنسب معتدلة وفي أوقات معينة
أما لبنان فالقلق لا يعرف كبير أم صغير، غني أم فقير، والأهم من ذلك أن القلق لا دين له. إنه يؤثر على الجميع. في لبنان، القلق على كافة الأصعدة و ليس له تاريخ انتهاء الصلاحية، فهو يستمر من جيل إلى جيل.
المسؤول قلق على كرسيه، والمودع قلق على وديعته وجني عمره. الشاب قلق على مستقبله، والمسن قلق على نهايته. الطلاب والأهالي قلقون على العام الدراسي، وفي كل لحظة يظهر وزير ونقابي يهدد العام الدراسي. يشعر المزارع بالقلق على محصوله و هو يدفع ثمن البذور و الأسمدة بالفريش دولار ، وهو لا يدري هل سيسوق محصوله أم لا، وهل سيصدر إلى الخارج أم لا، وفي أغلب الأحوال تنتظره الخسارة.
الصناعي قلق على ما يصنعه ، و هو لا مجال أمامه لمنافسة دول الجوار. الصناعي في بلادنا متروك لقدره.
يشعر الموظف بالقلق على وظيفته التي لا توفر له العيش الكريم اصلا و كما بدى واضح ان العديد من المصانع قامت مؤخراً بتخفيض عدد موظفيها وعمالها.
يشعر المريض بالقلق على تأمين الدواء المفقود ، وإذا وجده و استطاع تأمين ثمنه عليه التأكد مما إذا كان مزيفًا أم لا
وحتى أصحاب الأمراض المزمنة يشعرون بالقلق هل ستوفر لهم الدولة الميمونة الدواء هذا الشهر أم لا.
الكارثة الأكبر هي لمن يحتاج عملية جراحية.
ويشعر أهل الجنوب بالقلق على حياتهم، وحياة أبنائهم، وأرزاقهم، وجني عمرهم ، وهم ينتقلون من حرب إلى حرب، حروب عبثية ، لا نهاية لها.
حتى مشجع الرياضة في لبنان يشعر بالقلق بشأن ما إذا كان ناديه لديه الأموال اللازمة لجلب لاعبين أجانب أم لا
وهنا وصلنا إلى القلق الجماعي الذي يصيب كل اللبنانيين وهم ينتظرون وصول باخرة الفيول ، هل تأخرت، وهل أفرغت حمولتها، أم بعد، وأخبار مثيرة للقلق بعناوين رنانة. لبنان سيغرق في الظلام نهاية الشهر أو نهاية الأسبوع، ولا ندري لماذا على اللبنانيين أن يقلقوا على هذا الأمر وهم يدفعون الفاتورة الأغلى بالمنطقة.
ناهيك عن أزمة الوقود وأيضا نفس التمثيلية. وانطلقت الباخرة ووصلت السفينة بعد ثلاثة أيام سوف تفرغ حمولتها.
يشعر مستخدمو الإنترنت بالقلق المستمر ويتعرضون للتهديد يوميًا بانقطاع الخدمة.
وحتى فيما يتعلق بالخبز، فإن اللبنانيين قلقون ويهددون كل يوم هل ستصل باخرة القمح أم لا وهل سيتمكن غداً من توفير الخبز لأولاده أم لا، ناهيك عن الارتفاع المستمر في سعره، والآن يعطون لنا الخبر السار وهو أن سعره سيرتفع بشكل ملحوظ في الأول من مايو.
اللبنانيون قلقون من السلاح المتفلت. ولا يعرف اللبناني هل سيعود إلى منزله أم لا بسببه . وإذا نجا من رصاصة طائشة، فلن ينجو من ازعر ينتمي إلى مسؤول نافذ أو إلى حزب الأمر الواقع. يتشاجر معه على احقية المرور، فيترجل من سيارته ويقتله بدم بارد.
حتى خيرات ربنا جعل اللبنانيين يقلقون منها. في كل دول العالم يفرح الناس بالشتاء إلا في لبنان. الشتاء لعنة وكوارث وانزلاقات وانهيارات طرق وفيضانات.
وأخيرًا وليس آخرًا، ظاهرة السرقة . اللبناني ينام ولا يدري هل سيستيقظ من نومه فيجد سيارته أم لا يغادر بيته ولا يدري إذا عاد إليه سيجده على حاله أم لا.
القائمة طويلة. هذه ليست سوى غيض من فيض. ولم نتطرق لمواضيع أكثر حتى لا يطول المقال أكثر
كل هذا ولا نجد مسؤولاً واحداً يحاول إصلاح مشكلة واحدة من جذورها. الكل منشغل بالكيفية التي يريد بها تحسين شعبيته وكيفية التنافس مع الطرف الآخر للحصول على المزيد من المقاعد والمزيد من الحقائب الوزارية. كلام شعبوي وطائفي ومناطقي، والمضحك المبكي هو أن هذا القلق على كل هذه الأمور يصفق لزعيمه لا بل و يقلق عليه و على صحته و كرامته و يخاف عليه من يد الغدر .