أخبار محلية

بين غباء العصابة أو استغباء اللّبنانيين… المطلوب واحد!

✒️جان دارك عموس
بين غباء العصابة أو استغباء اللّبنانيين… المطلوب واحد!
لم تهدأ البيانات الاستنكارية حول حادثة مقتل الشّهيد باسكال سليمان، منسّق حزب القوات اللّبنانية في جبيل، بعد عملية خطفه يوم الأحد الفائت. وفي المقابل أيضاً، يتسارع الجمهور الإلكتروني التّابع لحzب الله وكل الجهات المتحالفة معه، إلى إطلاق تحليلات للجريمة منذ لحظة الخطف، وقد رافقها اعتراف واضح وصريح “بتبرئة” الحزب…
ولكن، ألم يقل المثل “يلي في تحت باطو مسلّة بتنعَرو” ؟
منذ ليل السّابع من نيسان الحالي، يعيش لبنان حالة من الترقّب لمعرفة الحقيقة المُرّة، حقيقة اختفاء باسكال سليمان وعودته من سوريا جثّة مضرجة بالدّماء.
فالأقاويل كثُرت، ومضمون التّحقيقات الأوليّة تسرّب بسرعة خياليّة خلافاً للقانون الذي ينصّ على سريّتها.
هذا من جهة، أمّا من جهة أخرى، فسيناريوهات عملية الخطف تعدّدت أيضاً، والأكثر من ذلك، التّطمينات حول وجود باسكال على قيد الحياة بدون الدّلائل، كانت كفيلة لضياع الطاسّة.
أمّا المستغرب أكثر، فهو الخطاب الأخير لأمين عام حzب الله حسن نصرالله، إذ أطلّ على جمهوره يوم الإثنين الفائت، وقبل صدور بيان الجيش حول مقتل سليمان، مُطلقاً سلسلة “حقائق” يعرفها “رُبما” حول الجريمة، متحجّجاً بأن “لبنان بلد مفتوح عالجرايم”، ومشنّاً تهديداته للمسيحيين تحديداً…
وما أن أُعلِنَ عن مقتل الشّهيد باسكال سليمان على يد عصابة سوريّين، ووجوده داخل الأراضي السّورية، حتى اشتعلت نيران الغضب من جديد في صفوف بعض اللّبنانيين على الوجود السّوري، هذا الأمر الذي لطالما شكّل قضيّة حسّاسة كان يجب معالجتها منذ زمن، خاصّة بعد سلسلة الجرائم المرتكبة من قبل سوريين، وآخرها جريمة الأشرفية التي راح ضحيّتها رجل مسنّ لم يقترف ذنباً سوى امتلاكه لبعض الدولارات “المش محرزة”!
جريمة مقتل سليمان، خاصّة وأنّه مسؤولٌ قواتيّ، تَطرح عدّة علامات استفهام، أهي عملية اغتيال مدروسة؟ أم عملية سرقة فحسب؟
كل التّقارير الأمنية تدلّ، إلى حدّ اللّحظة، أن الهدف كان السّرقة، بينما القوات اللّبنانية، وبالأخصّ، بعد مقتل الياس الحصروني بحجّة “حادث سير” ليتبيّن بعدها أنّه اغتيلَ، ترفض أن تصنّف جريمة قتل باسكال ضمن الجرائم الجنائية، بل اعتبرتها سياسيّة موصوفة حتى إثبات العكس.
ولكن، لنأخذ بعين الاعتبار أن الجريمة جنائية، وأن العصابة تمتهن سرقة السّيارات، أليس من الغباء ما فعلته؟ ففي وضح النهار خُطِفَ وقُتِلَ على الرّغم من أنّه قال للخاطفين “ما تقتلوني عندي ولاد”، وبالتّالي لم تكن لديه نيّة مقاومتهم، وأُخِذَ إلى سوريا، وتحديداً إلى منطقة يسيطر عليها حزب الله كما هو معروف. هل كل تلك المراحل لسرقة سيارة Audi ليست أساساً ضمن خانة السّيارات المعرّضة للسّرقة؟!
فلِما لم يُهدَّد ويُطلَق حرّاً طليقاً على الطّريق بعد أخذ السّيارة كما تُرتكَب كل عمليات السّلب والسّرقة السّابقة؟
وسؤال آخر، لما أُخذَت جثّته إلى سوريا؟ ما الهدف من كل هذه العملية؟ ألم يكن ممكناً تركه بعدما أغميَ عليه نتيجة ضربه ضربة قويّة، كما اعترف الموقوفون، واستكمال الطريق؟
لكن، لنعتبر أن العصابة أصابها الغباء لحظة خطفها لباسكال، بالرّغم من كلّ التّأكيدات على أنّها محترفة، ولنعتبر أن باسكال لم يكن مستهدفاً شخصيّاً إنّما صودف مروره، ولنعتبر أيضاً أن الاعترافات المسرّبة صحيحة، وأن الموقوفين حاولوا سرقة سيارات أخرى مع أنّها حقائق بعيدة عن المنطق…
أليس على دولتنا الكريمة أن تخجل من “فلتان” الحدود؟
أليس على وزرائنا الخجل من التّصريح بأن الجثة هُرّبت عبر معابر غير شرعية وأن هناك ٢٠ ألف مسلّح داخل المخيّمات السوريّة؟
وكيف لحzب الله الذي يدير حروباً ويموّل منظّماتٍ ويقاتل أينما يريد، أن يسمح لعصابةٍ بدخول منطقة يسيطر عليها دون كشفه عن عمليّة خطف وقتل وسرقة؟!
وهل هناك أحد لا يعرف من يحمي المعابر غير الشّرعية؟
فكيف مرّت السّيارة ومن فيها مرور الكرام؟
من هنا، وإن كانت العصابة قد أصابها الجنون لحظة خطف المأسوف عليه باسكال سليمان، أو كانت عملية خطفه وقتله اغتيالاً سياسيّاً مجهّزاً له، لا يمكن السّكوت عن السّلاح غير الشّرعي وسيطرة الدّويلة من جهة، ولا يمكن تجاهل خطورة الوجود السّوري في لبنان بدون أيّة رقابة وضوابط من جهة أخرى…
ولكن، الخوف الأكبر يكمن في احتمالية ضياع التّحقيق، وإقفال أو تجميد الملف، كما ملف الياس الحصروني، وجو بجّاني، ولقمان سليم. والسّؤال الأبرز، هل سيكون مصير هذه الجرائم كجريمة ٤ آب، حيث كانت الوعود بكشف حقيقة التّفجير خلال ٥ أيام، وها نحن بعد أكثر من ٣ أعوام، لم نعرف سوى أن القضاء مُعطّل والمطلوبين للعدالة لا يعرفون معنى العدالة…
على أمل ألّا تكون السّرقة وحوادث السّير كالتّلحيم والمفرقعات…

✒️جان دارك عموس

#لبنان #وطن #باسكال_سليمان #أمن #ما_بتقطع #بيروت #مرفأ_بيروت #انفجار_المرفأ #شهداء #شهداء_لبنان #الياس_حصروني #لقمان_سليم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى