ليست المرة الأولى التي تشتعل فيها الغابات في كاليفورنيا، وليست المرة الأولى التي تضطر فيها السلطلت على إجلاء آلاف السكان من منازلهم جراء الحرائق، ولكن هذه المرة كان الحريق أقوى وأضخم، حيث تصاعد بسرعة وسط وقود جاف للغاية وهدد آلاف المنازل، مستذكرين حريق “بارادايس” عام 2018، الذي راح ضحيته 85 شخصًا وإحراق 11000 منزل.
وفي السياق، تواصل فرق الإطفاء في ولاية كاليفورنيا الأمريكية جهودها للسيطرة على حريق غابات يتمدد سريعا، مما أجبر أكثر من 3500 شخص على مغادرة منازلهم، وفق السلطات.
واندلع حريق “بارك فاير” منذ مساء الأربعاء في اليوم الأخير من موجة حر ضربت المنطقة.
ونشرت فرق الإطفاء أكثر من 1150 عنصرا لمكافحة الحريق الذي لم تتم السيطرة عليه إلا بنسبة ثلاثة بالمئة، وفق إدارة الغابات والحماية من الحرائق في كاليفورنيا.
والخميس حتى الساعة 12:00 بالتوقيت المحلي (19:00 بتوقيت غرينيتش) كان الحريق قد اجتاح 28930 هكتارا، وفق الإدارة.
وقال حاكم ولاية كاليفورنيا، غافين نيوسوم، إن أكثر من 3500 شخص أخلوا ديارهم في المنطقة.
ولم تكشف التحقيقات إلى الآن الأسباب التي أدت إلى اندلاع حريق “بارك فاير”، وفق إدارة الغابات والحماية من الحرائق في كاليفورنيا.
وتم توقيف رجل يبلغ 42 عاما من العمر، يشتبه بأنه أشعل الحريق “بعدما شوهد رجل مجهول يدفع سيارة تشتعل فيها النيران” إلى موقع قريب من المكان الذي اندلع فيه الحريق، وفق بيان للمدعي العام في مقاطعة بوتي مايك رامزي.
وبحسب البيان فقد احترقت السيارة بالكامل مما أدى لانتشار النيران التي أشعلت “بارك فاير”.
وأصدرت الأرصاد الجوية الوطنية يوم الخميس تحذيرا من تفاقم خطر الحرائق بسبب الأحوال المناخية، لا سيما هبوب الرياح وانخفاض الرطوبة.
ويقول العلماء إن موجات الحر المتكررة هي علامة على ظاهرة الاحتباس الحراري المرتبطة بتغير المناخ الناجم عن اعتماد البشرية على الوقود الأحفوري.
وتأتي الحرارة الخانقة التي تجتاح الولايات المتحدة حاليا في أعقاب شهر يونيو الأكثر سخونة على الإطلاق في العالم، وفق مرصد “كوبرنيكوس” الأوروبي.
ودفعت شدة حريق بارك وانتشاره الدراماتيكي مسؤولي الإطفاء إلى إجراء مقارنات غير مرحب بها مع حريق كامب الفظيع، الذي خرج عن نطاق السيطرة في بارادايس القريبة عام 2018، ما أسفر عن مقتل 85 شخصًا وإحراق 11000 منزل.
“سوريالي”
وشدّد هونيا الجمعة خلال مؤتمر صحافي جديد على أن “الوضع متغيّر”، مذكرا بأن الحريق “اجتاز” قرية كوهاسيت خلال الليل.
وتحدّث سكان لوسائل إعلام محلية عن فرارهم الصعب من النيران عبر الطريق الوحيد في الغابات الذي يمكن سلوكه في المنطقة، حيث بالكاد اخترقت إنارة مصابيحهم الأمامية الدخان الأسود. وقال نيكو شيلتون لصحيفة “ساكرامنتو بي” إنه “كان من المقلق بالطبع معرفة أن هذا هو السبيل الوحيد للخروج”. وقالت جوليا ياربو، التي دمرت النيران منزلها، عبر قناة “سي بي إس”، “أنا في حالة صدمة. الأمر سوريالي”.
وترى السلطات أن الحريق سببه إجرامي.
وميدانيا، أُرسلت تعزيزات من عدة مناطق في كاليفورنيا. وأصدرت الأرصاد الجوية الوطنية الجمعة إنذارا باللون الأحمر، بسبب رياح قوية قد تعزز تمدد الحريق.
وقال مسؤول جهاز الإطفاء بيلي سي الجمعة بشأن الحريق “نشهد تصاعدا هائلاً في الشمال”. وأكد أن عمّال الإطفاء يبذلون ما في وسعهم ويركزون جهودهم على حماية المناطق المأهولة.
وقال “نأمل أن تتحسن الظروف الجوية بشكل ملحوظ بدءًا من نهاية هذا الأسبوع، مع انخفاض درجات الحرارة وزيادة الرطوبة النسبية، ما سيسمح لنا بالوصول بسهولة أكبر إلى مكان (الحريق) نفسه، بدلاً من البقاء في موقف دفاعي”.
“أرقام قياسية”
وقال دانييل سوين، المتخصص في ظواهر الطقس المتطرفة في جامعة كاليفورنيا، مساء الخميس “إنه فعلا أول حريق خلال السنوات الأخيرة في كاليفورنيا يمكنني أن أصفه بأنه غير عادي، وهذا ليس بالأمر الجيد”.
وقارن الخبير هذا الحريق الضخم بالحرائق التي دمرت كاليفورنيا في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وكانت من بين الأسوأ في تاريخ هذه الولاية الأميركية الغربية.
وأضاف “الخبر السار الوحيد هو أنه لا توجد مدن رئيسية في المسار المباشر للحريق”، مقدراً أن يستمر الحريق “لأسابيع أو حتى أشهر”.
وبعد فصلي شتاء ممطرين، يشهد الغرب الأميركي منذ حزيران/يونيو موجات حر، أدت إلى جفاف الغطاء النباتي، ما يساعد على انتشار النيران.
وقال الخبير “حطمنا أرقاما قياسية (في درجات الحرارة) وذلك في منطقة واسعة جدًا، تمتد من شمال غرب المكسيك إلى غرب كندا”.
وتشتعل حاليًا مئات الحرائق في كل أنحاء المنطقة، لا سيما في ولاية أوريغون وفي كندا.
ويقول العلماء إن موجات الحرّ المتكررة دليل على ظاهرة الاحتباس الحراري المرتبطة بتغير المناخ الناجم عن اعتماد البشرية على الوقود الأحفوري.