
ها هي الضّاحية الجنوبية تتعرّض لغارةٍ اسرائيليّة للمرّة الثّانية منذ بدء حرب غزّة وِفقَ تخطيطٍ ممنهجٍ وواضح الهدف من قبل العدو الاسرائيلي، بسبب تواجد قادة حزب الله وحركة حماس في المنطقة، من دون الأخذ بعين الاعتبار التّهديدات المتكرّرة، فيذهب دمُ المدنيين الأبرياء سُدىً كرمى لعيون الحزب…
وها هو الجنوب اللّبناني يفتح ساحاته، منذ أشهر، للمعركة ضد إسرائيل تضامناً مع فلسطين، وذلك من قبل حزب الله الذي أخذ من المنطقة ثكنة عسكريّة له دون حسيب ولا رقيب، فباتت أرض الجنوب ملعباً للطّرفين…
ولكن، يقول المثل “لي بِدق الباب بيسمع الجواب”…
فمن منّا لا يعلم مَن أعلن عن جهوزيته للدّفاع عن غزة من لبنان؟
ومن منّا لا يدرك أنّنا نتدخل بكافة الشّؤون الخارجيّة وننسى أمر وطننا وما يعانيه؟
ومن منّا أيضاً لا يعرف أنّ تهمة العمالة أصبحت “موضة” نستخدمها ضد كل من يعلن أن” لبنان لا يريد الحرب”؟
فيا سادة، كيف نصدّق أنّنا في دولة واحدة وأنتم تفتحون دويلات وتفرضون أمنَكم الخاص في كلّ بقعة تتواجدون فيها؟!
كيف نصدّق أن الضّاحية والجنوب هما ضمن لبنان، وأنتم تستشرسون على الصّحفيين خلال تأدية واجبهم في نقل الصّورة والوقائع من هذه المناطق؟!
وكيف لنا أن نتضامن مع فريق يفتخر بالحرب ويتوق إلى هدر الدّماء تحت حجّة “الاستشهاد”؟
وهل الخيانة تكون بالدّعوة لعدم الانجرار وراء حرب لا تنتهي؟ أم الخيانة هي بجعل أهلنا ضحايا لعبة سياسيّة شنيعة؟
قمتم باللّعب على المشاعر بنشر دعاية “الجنوب منطقة لبنانية”، وللأسف صدّق البعض خوفكم على المناطق الجنوبية، في حين أنّكم السّبب في دمارها ونزوح أهلها…
فمن يخاف فعلاً على أبنائه لا يعرّضهم للخطر مثلما تفعلون…
ومن يخاف على أرواح المدنيين لا يختبئ بين البيوت السّكنية ولا يخزّن الأسلحة في مناطق مأهولة…
لا… لن تكون الضّاحية منطقة لبنانيّة طالما أنّ أمنها وأمانها يتعلّقان بجهة سياسيّة تعكس صورةً لا تشبه لبنان لا من قريب ولا من بعيد…
ولن تكون المناطق الجنوبيّة لبنانيّة وهي مرتهنة لقضيّة غير وطنيّة، فيصبح الاستشهادُ من على أرضها شرفاً ووفاءً “للسيّد”، وتصبح حدودُها مستباحةً لكلّ من أراد رمي كرّة النّار ليشعلَ الفتنة من جديد…
فيا أيّها الذين ينشرون تعليقاتهم ومناشداتهم تحت عنوان “الجنوب لبنانيّ”، كفاكم انجراراً وراء من يريدون تحويل لبنان لدويلة غير شرعيّة…
كفاكم فلسفة بأنّنا علينا التّضامن مع أهل بلدنا من خلال الدّفاع عن حزب الله وإلّا نصبح عملاء!
لا، لسنا بعملاء، فنحن مع كل إنسان بريء يتعرّض للظّلم…
ولكن، حين تسمحون بجعل أولادكم وأهلكم ذبيحة لصالح حزبٍ غير شرعيّ، وتقدّمون دماءكم على طبقٍ من فضّة للعدو من أجل قضايا لا تعني اللّبنانيين إلّا من النّاحية الانسانيّة، فنحن وأنتم لن نكون أبناء بيئة واحدة ولا دولة واحدة…
فنحن نعشق وطننا الأرز بجماله وسلامه… أمّا أنتم تبحثون عن خرابه ودماره!
ونحن نحبّ الحياة… أمّا أنتم لا تعرفون معنى الحياة!