
كتب وليد بركس في freedom news
في عام 1983، كان لبنان يعيش واحدة من أصعب مراحله التاريخية، حيث طرح “اتفاق 17 أيار” كحل للخروج من حالة الحرب مع إسرائيل. هذا الاتفاق، الذي لم يُوقَّع من قِبَل الرئيس أمين الجميل، أُجهض في مراحله الأولى بسبب المعارضة الشرسة التي اعتبرته تنازلاً عن سيادة لبنان. واليوم، نشهد طرح اتفاق مشابه تحت مسمى الهدنة، مما يطرح تساؤلات جوهرية حول تبدل المعايير واختلاف المواقف السياسية بين الأمس واليوم.
الرئيس أمين الجميل: موقف لا مساومة فيه
الرئيس أمين الجميل لم يكن قائداً لاتفاق 17 أيار، بل كان يُطرح الاتفاق في عهده كأحد الحلول المطروحة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتأمين استقرار لبنان. رفض الجميل المضي بالاتفاق دون توافق وطني شامل، مفضلاً المصلحة الوطنية على أي ضغوط دولية أو إقليمية. ومع ذلك، صُوّر الاتفاق حينها كخيانة وطنية من قِبَل أطراف داخلية، قادت البلاد إلى مزيد من الانقسام والصراع.
حزب الله وتكرار الأخطاء
على النقيض، نجد اليوم أن لبنان لم يعد ساحة للصراعات الداخلية فقط، بل تحول إلى أداة لتنفيذ أجندات إقليمية ودولية عبر حزب الله.
دخول لبنان في حرب اليمن، ومساندة غزة، وغيرها من النزاعات الإقليمية، جعلته يدفع ثمناً باهظاً من اقتصاده وأمنه.
لولا هذه السياسات، لما كنا وصلنا إلى حالة الانهيار التي نعيشها اليوم، حيث يدفع لبنان وشعبه فاتورة قرارات لم تخدم إلا مشاريع خارجية.
المفارقة بين الأمس واليوم
رفض اتفاق 17 أيار حينها، رغم أنه كان يُطرح كخطوة لإنهاء الاحتلال وتأمين السيادة، بينما تُقبل اليوم اتفاقات مشابهة، يعكس تناقضاً صارخاً في المواقف السياسية.
الذين وصفوا أمين الجميل بالخيانة، يبررون اليوم توقيع اتفاقيات لا تختلف في جوهرها عن اتفاق 17 أيار.
السؤال الأهم: لماذا هذا التحول؟ هل كانت المعارضة السابقة مجرد مزايدات سياسية؟
لبنان سيد حر مستقل: مطلب دائم
أمام هذه المقارنات، يجب التأكيد على أن أي اتفاق، سواء في الأمس أو اليوم، لا يمكن أن يكون مقبولاً إذا انتقص من سيادة لبنان واستقلاله. رفضنا لاتفاق 17 أيار لا يعني قبولنا باتفاقيات اليوم، لأن الحل الحقيقي يكمن في تحييد لبنان عن صراعات الآخرين.
الخلاصة
لبنان اليوم يدفع ثمن الحروب التي فرضت عليه من الخارج، وسياسات داخلية خدمت مصالح فئوية على حساب المصلحة الوطنية. المطلوب هو موقف وطني جامع يعيد للبنان مكانته كدولة مستقلة لا تخضع لأي احتلال، سواء كان مباشراً أو غير مباشر، ولا تكون ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية.
“لبنان سيد، حر، مستقل” ليست مجرد كلمات، بل هي جوهر الهوية الوطنية التي يجب أن نتفق جميعاً على حمايتها.
وليد بركس freedom news