
على الرغم من مرور أكثر من عقدين على صدور القانون 220/2000 الخاص بحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة في لبنان، لا يزالون يُواجهون تمييزاً يومياً في الوصول إلى الحقوق الأساسية من تعليم، صحة، تنقّل وعمل، وسط بنى تحتية غير مهيأة، وقوانين غير مفعّلة، وتقصير مزمن في تطبيق أبسط معايير الإدماج.
لكن وزارة الشؤون الاجتماعية، في خطوة لافتة، أعادت تسليط الضوء على هذا الملف عبر إطلاق مشروع وطني متكامل لدمج الأشخاص ذوي الاعاقة، مؤكدة أن مقاربتها لهذا الموضوع لم تعد محصورة في البعد الانساني أو الرعائي، بل انطلقت من مبدأ الحقوق والعدالة الاجتماعية.
“الاعاقة مش ضعف.. والمجتمع بيضعف إذا همّشها“
وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد شددت على أن “حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة ليست مطالب تُمنح، بل واجب على الدولة والمجتمع تأمينه. وإذا بعدنا منعتبر أن الاعاقة هي ضعف، منكون نحنا اللي عم نضعف المجتمع”.
هذا التحوّل في الخطاب الرسمي يُترجم عملياً من خلال ثلاثة مسارات تعمل عليها الوزارة بالتوازي: السياسات، الخدمات، والتمكين الاقتصادي، في محاولة حقيقية لسد الفجوة بين النصوص القانونية والتطبيق الفعلي على الأرض.
سياسات شاملة وإرادة لتفعيل التشريعات
فعّلت الوزارة الهيئة الوطنية لشؤون المعوقين، وواكبت مشاركتهم في الانتخابات البلدية الأخيرة، على أن تستمر بدعم مشاركتهم في الانتخابات النيابية المقبلة، لأن “الصوت السياسي مش خيار، هو حق”.
كما أعلنت الوزارة أنها تعمل حالياً على إعداد مراسيم تطبيقية للاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بالتعاون مع الجهات المعنية، لتحويل الالتزامات الدولية إلى تشريعات فعالة تعكس احترام الدولة لحقوق هذه الفئة المهمّشة.
خدمات على قاعدة الحقوق لا الإحسان
على مستوى الخدمات وفق مصدر من الوزارة لموقع “لبنان الكبير”، تعمل الوزارة على تحديث قاعدة بيانات الأشخاص ذوي الاعاقة، وتجديد بطاقاتهم، واستقبال الطلبات الجديدة ضمن برنامج تأمين الحقوق.
ويستفيد أكثر من 20 ألف شخص من ذوي الاعاقة من برنامج البدل النقدي الذي يؤمّن مساعدات مالية شهرية، ويشمل فئة الأطفال والشباب بين عمر 0 و30 سنة، على أن يجري توسيعه لاحقاً ليشمل المسنّين أيضاً.
التمكين الاقتصادي في صلب الرؤية الجديدة
ويؤكد مصدر الوزارة أن الدمج الحقيقي لا يتحقق بالمساعدات وحدها، بل عبر التمكين الاقتصادي. لذلك، أطلقت مبادرات تدريب وتشغيل بالشراكة مع القطاع الخاص، بهدف دمج الأشخاص ذوي الاعاقة في سوق العمل، استناداً إلى كفاءاتهم لا إعاقتهم.
ولعلّ أبرز ما أعلنته الوزارة هو أنها التزمت بتطبيق القانون الذي يفرض على المؤسسات العامة توظيف 3% من ذوي الاعاقة، بل تجاوزته، إذ وصلت النسبة داخل الوزارة إلى 6%، مع العمل على رفعها أكثر خلال المرحلة المقبلة.
مراكز ومؤسسات دامجة.. لا عازلة
بالتوازي، تعمل وزارة الشؤون وفق المصدر على مراجعة أوضاع مؤسسات الرعاية ورفع معاييرها، وتطوير مراكز الخدمات الانمائية لتكون دامجة وميسّرة وقريبة من الناس. وهي خطوات تُترجم شعار “الإدماج” إلى سياسة يومية وسلوك مؤسسي، لا مجرّد خطاب إعلامي.
في ظل أزمات اقتصادية متفاقمة، تعاني فيها الفئات الأكثر هشاشة من الإهمال، برز ملف الأشخاص ذوي الاعاقة كأولوية واضحة على أجندة وزارة الشؤون الاجتماعية. وليس هذا التوجّه ظرفياً أو مرتبطاً بمرحلة سياسية، بل يبدو ثمرة رؤية مستمرة تهدف إلى تعزيز المساواة ومشاركة جميع المواطنين في الحياة العامة.
انضم الى freedom news عبر الواتساب على هذا الرابط👇