
تضغط بكركي، في ظلّ تزايد منسوب التوتر السياسي بين الأحزاب المسيحية الأساسية، في محاولة جديدة لرأب الصدع بين هذه الأحزاب. ويجول وفد كنسي-أسقفي على القيادات المعنية، حاملاً معه مقاربة مختلفة عن سابقاتها.
ad
تأتي هذه المبادرة في توقيت بالغ الحساسية، إذ تدخل البلاد عملياً في سنة انتخابية ستشهد أيضاً استحقاقات مصيرية، مما يفاقم التحديات أمام المسيحيين في ظل انقسامهم الحادّ.
تكمن أهمية هذه الخطوة في أنها لا تقتصر على دعوة إلى التهدئة الإعلامية أو تنفيس الاحتقان الظرفي، بل تسعى إلى وضع وثيقة مكتوبة لتنظيم الخلافات، بحيث تتحوّل إطاراً منضبطاً يضمن الحدّ من الصدامات الكلامية والتراشق الإعلامي والاتهامات الشخصية التي أضعفت صورة الأحزاب المسيحية أمام جمهورها، وأثرت في قدرتها على التأثير في القرار الوطني.
يعوّل على أن تكون الوثيقة المرجوة بمثابة “ميثاق سياسي وأخلاقي” يحدد ضوابط إدارة التنوع داخل البيئة المسيحية، بما يحفظ الحد الأدنى من التماسك السياسي المطلوب لمواجهة استحقاقات داهمة، من بينها ملف السلاح خارج الدولة والانتخابات النيابية وإدارة العلاقة مع المكونات الأخرى.
لكن التحدي الأساسي يكمن في تجاوز الثغرات التي أفشلت المحاولات السابقة، حيث اصطدمت النوايا الحسنة إما بحسابات رئاسية ضيقة، أو بتنافس على الزعامة داخل الساحة المسيحية. لذلك، يبدو أن بكركي تدرك أن نجاح هذه المبادرة يتطلب أولاً إرادة سياسية صلبة من الأطراف المعنية، وثانياً آلية متابعة تضمن عدم تحوّل الوثيقة حبراً على ورق. من هنا، يُتوقّع أن تتضمّن الوثيقة الجديدة بنوداً عملية، مثل إنشاء لجنة تنسيق تتابع التنفيذ، وآليات لحلّ النزاعات قبل تفاقمها إعلامياً أو سياسياً.
في المحصلة، تعوّل بكركي على هذه المحاولة ليس فقط لتخفيف حدة الانقسام المسيحي، بل لإعادة صوغ دور المسيحيين كقوة وازنة في التوازنات الوطنية، في وقت تتسارع فيه المتغيرات الإقليمية والدولية. غير أن السؤال الأبرز يبقى: هل تملك بكركي القدرة على تحييد الطموحات الشخصية والخلافات الاستراتيجية لمصلحة منطق الشراكة والتفاهم، أم أن الواقع الانتخابي المقبل سيعيد إنتاج الاصطفافات نفسها ويطيح مجدداً بأي مسعى توافقي؟
انضم الى freedom news عبر الواتساب على هذا الرابط👇