
خاص freedom news
تسمية شارع أو ساحة عامة قد تبدو للبعض خطوة بسيطة أو قراراً بلدياً عادياً، إلا أنّ الواقع القانوني في لبنان يكشف أنّ الأمر أكثر تعقيداً مما يعتقده كثيرون. فالأسماء التي تُمنح للشوارع ليست مجرد لافتات، بل هي ذاكرة جماعية وهوية مدن وبلدات، ولهذا وضع القانون اللبناني شروطاً صارمة تحول دون أن تُطلق هذه التسميات بشكل عشوائي.
إجراءات معقّدة تبدأ من البلدية
الخطوة الأولى تنطلق من المجلس البلدي الذي يملك صلاحية تقديم اقتراح لتسمية شارع باسم شخصية محددة. يُعرض الطلب عادة على لجنة متخصصة داخل البلدية، ثم يُرفع القرار إلى المحافظ ومنها إلى وزير الداخلية، الذي يوقّع على القرار ليصبح نافذاً. أمّا في حال غياب الرد من وزارة الداخلية خلال مهلة شهر، فيُعتبر القرار نافذاً حكماً، وهو ما يُعرف بـ”المصادقة الضمنية”.
شخصية عامة… وشرط الوفاة
إلى جانب الآلية الإدارية، يفرض القانون معايير دقيقة على هوية الشخصية المراد تكريمها. فالتسمية يجب أن تطال شخصية عامة ذات شأن وطني أو اجتماعي أو ثقافي بارز، تركت أثراً ملموساً في حياة اللبنانيين. والأهم أنّ القانون يشترط أن تكون هذه الشخصية متوفاة، منعاً لإقحام الأحياء في نزاعات سياسية أو حزبية أو حتى شخصية، وضماناً لأن يبقى التكريم نابعاً من الإجماع حول إرث صاحب الاسم.
ليس أي شخص يستحق أن يُخلّد اسمه
القانون اللبناني لا يفتح الباب أمام تسمية الشوارع على أسماء أي شخص، بل يضع قيوداً واضحة: الشخصية يجب أن تكون رمزاً وطنياً أو اجتماعياً جامعاً، وأن لا تثير التسمية خلافات أو حساسيات بين فئات المجتمع. وهذا ما يجعل القرارات من هذا النوع محط نقاش معمّق قبل إقرارها، ويؤكد أنّ الأمر ليس مجرّد مبادرة بلدية عابرة بل تكريم مسؤول يحمل دلالات عميقة.
وتجدر الإشارة إلى أنّه إذا كان موضوع التسمية يطال شارعاً رئيسياً أو محوراً أساسياً في المدينة أو القرية، فلا يكفي قرار المجلس البلدي أو حتى موافقة وزير الداخلية، بل يصبح الأمر من صلاحيات مجلس الوزراء حصراً. إذ إنّ القانون اعتبر أنّ الشوارع الرئيسية تُعد جزءاً من المرافق العامة ذات الطابع الوطني أو الإقليمي، وبالتالي لا يجوز تغيير أسمائها أو منحها تسمية جديدة إلا بموجب مرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء، وذلك حفاظاً على وحدة المعايير وضماناً لعدم خضوع هذه القرارات لاعتبارات محلية أو آنية.
انضم الى freedom news عبر الواتساب على هذا الرابط👇