
في وقتٍ يتّجه فيه اللبنانيون في الداخل والخارج نحو المطالبة بتكريس حقّهم الكامل في المشاركة السياسية، يلتزم أحد نواب زحلة المعروفين بخلفيّتهم الاقتصادية صمتاً لافتاً إزاء ملفّ اقتراع المغتربين لـ128 نائباً، وهو الإصلاح الذي يُعتبر أحد أبرز مطالب الانتشار اللبناني منذ إقرار القانون الانتخابي الأخير.
فرغم أنّ هذا النائب بنى صورته العامة على كونه ممثّل “الاقتصاد المنتج” و”صوت لبنان في الاغتراب”، إلا أنّ أداءه في هذا الملفّ كشف مفارقةً واضحة بين الخطاب والممارسة. فبدلاً من أن يكون في طليعة الداعين إلى تصحيح الخلل الذي حرم مئات آلاف اللبنانيين المقيمين في الخارج من التصويت لكامل المجلس النيابي، اختار التريّث والابتعاد عن أي موقف حاسم، وكأنّ القضية لا تعنيه مباشرة.
هذا الصمت السياسي أثار استياءً واسعاً في أوساط المغتربين الزحلاويين والبقاعيين، الذين رأوا في هذا السلوك نموذجاً للابتعاد عن هموم الانتشار، والاكتفاء بالشعارات حين تقتضي المصلحة. فالمغتربون الذين دعموا الاقتصاد الوطني خلال الأزمات المتلاحقة، ينتظرون من ممثليهم مواقف تعبّر عن التقدير والالتزام، لا الغياب والتردّد.
ويُجمع المراقبون على أنّ إقرار اقتراع المغتربين لجميع المقاعد الـ128 لا يشكّل فقط مطلباً سياسياً، بل استحقاقاً دستورياً يعيد التوازن إلى العملية الديموقراطية. فحصر تصويت المغتربين بستة مقاعد كما ينصّ القانون الحالي، يعني عملياً عزل الانتشار اللبناني عن القرار الوطني الفعلي، وهو ما يتناقض مع مبدأ المساواة بين الناخبين.
لكنّ اللافت أنّ بعض النواب الذين يرفعون شعار “الإصلاح الاقتصادي والإداري” لم يُبدوا أيّ جدّية في دعم هذا المسار الإصلاحي، بل فضّلوا الصمت أو المواربة، خشية المسّ بتوازنات سياسية معيّنة. وهكذا تحوّل شعار “التغيير من الداخل” إلى مجرد عنوانٍ بلا مضمون.
زحلة، المدينة التي صدّرت الكفاءات والمغتربين إلى العالم، كانت تنتظر من ممثليها مواقف أكثر جرأة ووضوحاً. فحقّ أبنائها المنتشرين بالتصويت على قدم المساواة مع المقيمين ليس تفصيلاً انتخابياً، بل هو جزء من كرامة المدينة ودورها الريادي في الحياة الوطنية.
وفي زمنٍ تعود فيه النقاشات حول قانون الانتخاب إلى الواجهة، سيسجَّل في الذاكرة السياسية أن بعض الوجوه التي تحدثت كثيراً عن الاغتراب والاقتصاد، اختارت الصمت حين حان وقت الفعل لا القول.
انضم الى freedom news عبر الواتساب على هذا الرابط👇