خاص الموقع

غزة بين الحاضر والمستقبل بقلم د.لبنى سامي حايك

كتبت د.لبنى سامي حايك

أن العولمة التي تريد أن تجعل العالم قرية كونية صغيرة من خلال شركاتها ومؤسساتها ومنظماتها الدولية التي تسعى إلى إحلال السلام الدولي لنبذ العنف والتطرف والتطهير العرقي تقف عاجزة عن وقف إبادة الشعب الفلسطيني في غزة

بأبشع وافظع انواع المجازر بحق البشرية جمعاء و لكن هذا التخاذل العالمي لا يأتي من سراب فصراع الأقطاب وجد في غزة كنقطة تحول في ظل ما يجري من نزاعات العسكرية والاقتصاديه تلف العالم بدءا من الحرب الروسية – الاوكرانية ومن خلالها النزاع مع اميركا واوروبا ومن ثم النزاع الاميركي – الصيني وبينهما النزاع بين الدول الغنية والنامية وأخيرا وليس آخرا الصراع المذهبي السني- الشيعي في العالم الإسلامي.

جعلت من المستحيل معرفة مسار ومصير والنتائج التي ستفضي اليها الحرب الاسرائيلية على غزة فإن هذه الحرب التي لم يسبق لها مثيل في المنطقة لناحية حجم الدمار والإجرام واستهداف الأبرياء المدنيين والقطاعات الطبية والتعليمية ودور العبادة بدأت نتائجها السلبية تؤثر في الداخل الكيان الإسرائيلي الذي هو في الأصل كان قبل الحرب يعاني الإنشطار السياسي الذي انعكس بدوره على المؤسسة العسكرية والسلطة القضائية، فيما اليوم فإن أكثر ما يعاني جراء هذه الحرب هو القطاع الاقتصادي الذي اصيب مقتلا، حيث ان كل المحللين الاجانب يجمعون بأن هذه الحرب تدفع بالإقتصاد الاسرائيلي الى المجهول، باعتقادهم ان تأثير الحرب الحالية في غزة قد اقصى الإقتصاد في اسرائيل ولن يتشابه مع الأزمات التي تلقاها في العقود الاخيرة خصوصا في مجال البناء ، حيث ان تباطؤ النشاط في هذا القطاع وفق التقديرات الاولية يكلف الاقتصاد الاسرائيلي حوالي 45 مليون دولار يومياً.

كما ان استدعاء ألآف الجنود من الإحتياط ترك فجوة كبيرة في القوى العاملة وأحدث انهياراً كبيراً في العملة الاسرائيلية ناهيك عن انقطاع حركة آلاف العمال الفلسطينيين من غزة الى اسرائيل وخفض تدفقهم من الضفة الغربية. ويرى المحللون ان احتمال امتداد الحرب لفترة طويلة وإمكانية إتساع رقعتها سيزيد من التدهور الاقتصادي في اسرائيل، سيما وان هناك من يقول بأن التكلفة للحرب تصل الى مليار دولار اسبوعيا، وهو ما يقلق الحكومة الاسرائيلية التي تعتبر ان كل المعطيات تقول ان الإقتصاد هو اليوم في اخطر مراحله وان استمرار الحرب على غزة لأسابيع إضافية سيزيد الأمور الاقتصادية خطورة إذ ان التكلفة المقدرة في الثلاثة اسابيع الاولى للحرب من الخسائر ربما تجاوزت 7 مليارات دولار وربما يكون المبلغ ايضا أضعاف.. أضعاف ذلك اذا تم احتساب الاضرار الاجمالية على هذا الاقتصاد.

و أن التداعيات الحالية ربما تكون أسوء من حرب تموز في العام 2006 على لبنان، حيث ان الحرب ستؤدي الى تباطؤ الإقتصاد الاسرائيلي فيما تبقى من هذا العام، وكذلك في العام القادم مع زيادة في انفاق الدولة لدعم الجيش والشركات والمدنيين الذين نزحوا عن المستوطنات الى الداخل الإسرائيلي وبالإضافة إلى عودة العديد منهم إلى أوروبا .

كما أن اتساع الصراع الدائر حاليا قد يؤدي الى اغلاق حقول النفط والغاز في شمال اسرائيل وربما حقل كاريش وهذا الأمر سيفاقم من حجم الأضرار التي لحقت بالقطاع الإقتصادي.

ومما لا شك فيه انه كما تأثر الإقتصاد الإسرائيلي الى أبعد حدود خلال الحرب القائمة على غزة تؤكد وجود غليان شعبي في الداخل الاسرائيلي يعبر عنه في خلال تظاهرات اهالي الجنود الاسرى لدى حركة حماس وهذا الحراك يتوقع ان يتسع مع قابل الأيام كون ان الجبهة السياسية وإن كانت موحدة ظاهرياً في هذه الحرب غير أن الإنقسام يفعل فعله في الداخل وأنه من المتوقع ان يزداد هذا الشرخ خصوصاً وان هناك من بدأ يعتبر أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو يخوض هذه الحرب لشخصه وهو يهرب الى الأمام كون ان ملفات كثيرة جدا تنتظره وآخرها تحميله مسؤولية الإخفاق الذي حصل في السابع من تشرين الاول الماضي وهذه المعارضة السياسية لنتنياهو ستتسع في الأيام المقبلة مستفيدة من البرودة الامريكية التي بدأت تظهر تجاهه كون ان واشنطن التي قدمت كل الدعم وعلى كل المستويات لنتنياهو بدأت تشعر بعجزه في حسم المعركة وهو الذي كان أبلغ الرئيس الامريكي جو بايدن بأن حسم هذه المعركة ضد حماس ستكون في غضون أسابيع قليلة وقد تبين ان نتنياهو بعد مرور شهر على الحرب لم يسجل اي إنجاز وأن جيشه ما زال على تخوم غزة وعاجز عن الدخول الى العمق حيث يواجه بمقاومة شرسه وغير مسبوقة و أن هذه الحرب قد تطول الى فترة زمنية

غير معروفة ولكن هنا لابد لنا أن

نستخلص النتيجة النهائية لهذه الحرب الشرسة والبربرية بالقول:

اذا شعب يوما اراد الحياة

فلا بد أن يستجيب القدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!