أخبار دولية وإقليمية

معايير جديدة لنيل تأشيرة الولايات المتحدة وجنسيتها

التبس الأمر على الأميركيين المعادين للهجرة إلى الولايات المتحدة. إعلان وزارة الخارجية أن 55 مليون حامل تأشيرة صالحة سيكونون خاضعين لتدقيق مستمر، فهموا منه أن هؤلاء الملايين يعيشون في أميركا أصلاً، وأنهم، في زمن الرئيس دونالد ترامب، سيلحقون بأترابهم المهاجرين غير الشرعيين إلى خارج الحدود. وأخذتهم الحماسة على وسائل التواصل إلى تخيّل أميركا ناقص 55 مليون أجنبي، وقد هبطت فيها أسعار الإيجارات، وشغرت ملايين الوظائف تنتظر الأميركيين الأصليين ليشغلوها.

الإعلان في مكان آخر بطبيعة الحال. فالخارجية تقصد كل حاملي التأشيرت على أنواعها، الموجودين حالياً في أميركا، أو أولئك الذين في بلادهم لديهم تأشيرات سياحية مثلاً تخوّلهم الدخول المتعدّد طوال خمس سنوات من إصدار الفيزا. هذا الرقم الهائل من التأشيرات سيظلّ أصحابها تحت الفحص الدائم، فتلغى التأشيرة بناءً على أيّ مخالفة تستوجب شطبها، وإعادة صاحبها إلى بلده، أو منعه من القدوم مجدداً إلى الولايات المتحدة.

 

 

السفارات الأميركية حول العالم قبل أشهر باتت تطلب من المتقدمين بطلبات تأشيرة سفر جعل حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي عامة، أي مفتوحة. هكذا، يمكن التدقيق في مروحة واسعة من الاحتمالات بأن المرشح للفيزا قد يشكل خطراً على المصالح الأميركية، من معاداة السامية إلى دعم الإرهاب والانتماء إلى الحزب الشيوعي الصيني.

 

دائرة خدمات المواطنة والهجرة الأميركية أضافت تهمة مبهمة إلى هذه الاحتمالات: “معاداة أميركا”. المتحدث باسم الدائرة ماثيو تراغسر لم يشرح هذا التعبير المطاط أو على الأقل يحصره. قال إن “مزايا أميركا يجب ألا تُمنح لأولئك الذين يحتقرون البلاد ويعززون الأيديولوجيات المعادية لأميركا”.

 

 

“نيويورك تايمز” أشارت إلى أن ناشطين حقوقيين يقولون إن إدارة ترامب استهدفت أجانب انتقدوا الرئيس أو سياساته على وسائل التواصل واتهمتهم بدعم “النشاط الإرهابي”. وتربط الإدارة مصطلحي “معاداة أميركا” و”معاداة السامية”، إذ من النادر أن يطل الأول من دون الثاني والعكس. هكذا، بات عدد غير محدد من الطلاب الذين شاركوا في تظاهرات ضد الحرب الإسرائيلية في غزة متهمين بـ”وصمات عار” ثلاث: دعم الإرهاب ومعاداة أميركا ومعاداة السامية.

 

وبناءً على ذلك، فإن الفحص المستمر سيعتمد على رصد مخالفات قانونية أو جنائية كالقيادة تحت تأثير الكحول، أو البقاء في أميركا بعد انتهاء صلاحية التأشيرة، بالتعاون مع الوكالات المعنية وبتحديث بيانات كل حامل تأشيرة.

لكن التدقيق في حسابات وسائل التواصل، الذي من المستحيل أن يكون عبر البشر، سيكون عبر برامج ذكيّة لن تبحث عمّا يشير إلى تهديد فعلي للأمن القومي بقدر ما ستبحث في آراء الناس ومواقفهم السياسية، لتستنتج من سلوكياتهم وتصريحاتهم ما إن كانوا يعادون القيم والمصالح الأميركية.

منتقدو المصطلح الضبابي يرون أن لا تفسير قانونياً واضحاً له، وبالتالي فإن تطبيقه قد يكون انتقائياً وتعسفياً وقد يُستخدم في قمع حرية التعبير.

 

 

القلق الذي من المفترض أن يصيب حاملي التأشيرات أو الساعين إليها، هم الذين ليس بوسعهم الكثير إذا ما ألغيت تأشيراتهم، يصل الآن إلى حاملي الـ”غرين كارد” الذين باتوا على عتبة حمل الجنسية. في مذكرة داخلية صدرت أخيراً عن دائرة المواطنة والهجرة، طلب من الموظفين أخذ المساهمات الإيجابية للمهاجر بالاعتبار في قبول طلب الجنسية، وهو الشرط الأخير قبل موعد قسم اليمين.

 

تقول المذكرة إنه كي تصبح مواطناً أميركياً متجنساً يعني أن تكون عضواً ناشطاً ومسؤولاً في المجتمع بدلاً من مجرد العيش والعمل في أميركا.

ومن الشروط الجديدة على أصحاب الإقامة الدائمة (غرين كارد) الذين يتقدمون إلى الجنسية، أن يثبتوا أنهم كانوا ولا يزالون أفراداً يتمتعون بالأخلاق الحميدة. وتقييم هذه الأخلاق يتطلب، بحسب المذكرة، “تقييماً شاملاً لسلوك الأجنبي والتزامه بالمعايير المجتمعية والمساهمات الإيجابية التي تؤكد بفعالية على الأخلاق الحميدة”.

 

لم يعد كافياً إذن التزام الأجنبي بالقوانين، بل عليه أن يجتهد في سبيل الحصول على “المعيار الذهبي للجنسية” بحسب وصف المتحدث باسم دائرة الهجرة لجنسية بلاده. وهو جهد إضافي ليس مطلوباً من المواطن المحظوظ الذي وُلد أميركياً أو نال جنسيته قبل هذا الشرط الجديد، الذي يمكنه ألا يكون ناشطاً في مجتمعه، ولا حتى لائقاً في تصرّفه مع الجيران، بل وعديم الأخلاق ولا يسهم حتى بالابتسام للحيوانات الأليفة. ومع ذلك فهو غير مهدّد في مواطنته.

في المقابل، على المهاجر أن يثبت لموظف الهجرة، بالأفعال لا بالأقوال، أنه ذو “أخلاق حميدة”. كيف يفعل ذلك؟ لا أحد يعلم على الأرجح، لا هو، ولا موظف دائرة الهجرة، ولا المكان الذي نبعت منه الفكرة، البيت الأبيض ما غيره.

انضم الى freedom news عبر الواتساب على هذا الرابط👇

https://chat.whatsapp.com/Ks7uZJ4jeubJ7DBg4eotNz?mode=ac_t

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى